العمل الوطني الفلسطيني في لبنان: قوة الشعب، بؤس القيادة

 

رامي – مواطن فلسطيني

السبت، 30 حزيران 2012

 اصدرت قوى فلسطينية في لبنان هي “الفصائل واللجان الشعبية ومجلس الخطباء والفعاليات والمؤسسات وممثلي الحراك” بيانا يوم الجمعة، 29 حزيران، تقول فيه انها عقدت  “اجتماعاً هاماً مع دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الاستاذ نجيب ميقاتي بحضور ممثل عن قيادة الجيش وعدد من الاجهزة الامنية المختصة ، وقد توصل المجتمعون الى خطوات لإنهاء معاناة ابناء المخيم” (نهر البارد). عدّد البيان البنود التي تم الاتفاق حولها، وهي هامة فعلا على المستوى النظري، و دعا ابناء المخيمات ” الى التعاطي مع هذه النتائج بإيجابية ومسؤولية ، افساحا بالمجال لترجمة بنود الاتفاق بعيدا عن الدعوات غير المبررة لتصعيد التحرك السلمي ، لان الايجابية يجب ان تلقى ايجابية مثلها .”  (نقلا عن موقع: http://www.abedkhattar.com)

يقول الفلسطيني “ابو هاني الدهان” في سياق تحقيق لجريدة “الاخبار” من مخيمي نهر البارد و البداوي، نشر اليوم السبت 30 حزيران: « لماذا نوقف الاعتصامات ما دامت سلمية؟ هل كان المسؤول الأمني ليستمع ثلاث ساعات لوفد فلسطيني من دون اعتصامات؟ ألم تكن الوفود تنتظر ساعات قبل حصول لقاء يستغرق دقائق؟ ثم لماذا المفاوضات مع الأمن والعسكر؟ أليست قصة المخيم سياسية واجتماعية؟ “

و في التحقيق نفسه يقول الشاعر شحادة الخطيب من مخيم نهر البارد: « المطلوب حل الموضوع جذرياً، وليس المشكلة الأخيرة، فهي نتيجة وليست سبباً، والمشكلة ليست مع الجيش الذي ينفذ القوانين ولا ينصّها “.

اكبر اشكال عند “القيادة الفلسطينية” في لبنان انها لم تفهم، رغم عملها لعقود متواصلة في العمل العام، ما يقوله الدّهان ابو هاني و الشاعر الخطيب!

لم تفهم بعد ان الازمة ليست حادثا امنيا منفصلا، و لا طيب النوايا، بل هي مع النظام السياسي الطائفي اللبناني و تعبيراته القانونية في التمييز العنصري. التعامل الفعال و الصحيح مع الازمة يكون، برأيي،  كما اقترح ابو هاني و الاخ الخطيب: حركة نضال مدنية سلمية مستمرة، عبر شراكة فلسطينية لبنانية شعبية، تدعم مفاوضات سياسية. هذا وحده يؤسس لانجازات لصالح الشعبين، لا يمكن ان يمنحها هذا النظام، بحكم تكوينه و توازناته الداخلية، هبة اخوية!

 

حسب فهمي لمطالب سكان مخيم نهر البارد ، فإن هذا الاتفاق المعلن اليوم يلبي نظريا معظمها، لكنه كتب بصياغات عامة يسهل تأويلها على الف وجه، و لا يزال يتعامل مع الموضوع الفلسطينيي بالاجزاء بينما المطلوب التحدث عن السياق الشامل. بالرغم من ذلك، يبقى السؤال الملح: ما العمل كي لا يبقى هذا الكلام حبرا على ورق؟

كي تتحول الاتفاقات الى اجراءات، لا بد من أن يفهم كل طرف الخيارات البديلة للطرف الآخر. هذا من ابسط قواعد التفاوض. النظام السياسي الطائفي اللبناني يملك اداة السلطة و القدرة العسكرية، و سكان المخيمات، مع اصدقائهم في لبنان و خارجه، يملكون التحرك الجماهيري السلمي المنظم. فبأي مدرسة سياسية تعلمت هذه “القيادة” كي تطالب الناس بتوقيف التحرك السلمي، بل و تنعته بالسلبي، بينما هي لا تزال في مرحلة المفاوضات على انقاض مخيم دمر بالكامل؟! ناهيك عن تاريخ مرير مع نقض العهود و بطلانها من قبل النظام الرسمي اللبناني.

هذا الموقف من “القيادة” يرفع الغطاء عن اي نشاط جماهيري فلسطيني سلمي، و يمدّ اليمين اللبناني العنصري بذخيرة مجانية! ناهيك عن انه يغذي الاوهام الاصولية العدمية بأن العنف هو الحل!

قي سياق متصل، اوردت وكالة وفا الفلسطينية خبرا اليوم مفاده: ” منح الرئيس محمود عباس، مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الجنسية الفلسطينية، تقديرا لجهوده المميزة في العلاقات الفلسطينية اللبنانية، وتسهيل حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.”

قد يكون اللواء ابراهيم قام بأشياء جديرة لا نعرفها، لكن علينا ان لا ننسى صفته الرسمية كجزء من نظام يفرض علينا شكلا من اشكال التمييز. لذلك لا بد من سؤال: ما مغزى نشر الخبر و ربطه بتسهيل حياة اللاجئين الفلسطينيين بالتزامن مع ما يجري في نهر البارد؟ هل هذا يدعم الموقف الفلسطيني في لبنان ام يلحق به الضرر؟ كيف سنطلب مثلا من متضامنين عرب و عالميين مواقف قوية بينما “القيادة الفلسطينية” تصف التحركات السلمية بالسلبية و تمنح الاوسمة للنظام الرسمي اللبناني؟! هذا سؤال برسم الجناح “اليساري و الديمقراطي” في منظمة التحرير خاصة، و هو شريك فاعل في صنع و/أو تغطية هذه السياسات.

اظني اعبر عن رأي مجموعة من الفلسطينيين حين أقول لقيادة هذا الجناح في لبنان: ان كانت قيادة الثورة التاريخية صنعت انجازا وطنيا حقيقيا في مرحلة ماضية، فليس من الحكمة أن يحاول الورثة الاعتياش من امجاد تلك الحقبة للأبد، لأن كل شيء ينضب بالنهاية و كذلك الشرعية الثورية.

منظمة التحرير هي من انجازات الشعب الفلسطيني و كيانه السياسي الاهم، لكنها تشبه طائرة مختطفة الآن. الخاطفون هم طبقة من ذوي المصالح الاجتماعية و المالية و الادارية تمتد افقيا على كل الفصائل. و هذا ينطبق بطبيعة الحال على الفصائل خارج المنظمة ايضا. باتت مصالح هذه الطبقة الخاصة تتعارض في احيان كثيرة مع اهداف المنظمة والطموحات الوطنية العامة. لا بد من حل هذا المأزق عبر انتخابات تمنح تفويضا جديدا و شرعية جديدة لقيادة العمل الوطني الفلسطيني.

في لبنان تحديدا، لا بد من قيادة فلسطينية تمثل طموحات و قضايا الجيل من امثال ابو هاني الدهان و آخرين من ابناء و بنات المخيمات الموهوبين الرائعين.

One Response to “العمل الوطني الفلسطيني في لبنان: قوة الشعب، بؤس القيادة”

  1. marcy/مارسي newman/نيومان Says:

    Reblogged this on body on the line.

Leave a comment